Monday 3 November 2025
الصفحة الرئيسية      كل الأخبار      اتصل بنا      RSS      English

قضية المدعية العسكرية الإسرائيلية تفجرت بسبب ثقافة الكذب وعدم التحقيق بجرائم الحرب

تل أبيب -PNN- لم تفتح المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية التي تقف وسط عاصفة في إسرائيل، ييفعات تومر ييروشالمي، ولا أسلافها في المنصب، تحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها الجيش الإسرائيلي، ولذلك يُنظر إلى أن قرارها بتسريب شريط فيديو يوثق تعذيب معتقل فلسطيني في منشأة الاعتقال سديه تيمان على أيدي جنود إسرائيليين، خلال الحرب على غزة، يأتي في إطار تجريم الجنود الذين احتضنهم اليمين الإسرائيلي، وخاصة اليمين المتطرف، في الحكومة والمعارضة.واعتبر المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت ، ناحوم برنياع، اليوم الإثنين، أن ما فعلته المدعية العسكرية بتسريب شريط الفيديو وتقديم تصريح كاذب إلى المحكمة العليا حول التسريب لا يبرر اعتقالها، لكنه يبرر إقالتها والتحقيق ضدها .وتساءل برنياع حول سبب تنفيذ المدعية العسكرية قيامها بما فعلته، هل لأنه في النيابة العسكرية الكذب هو القاعدة، أم لأن الضغوط من الخارج أخافتها؟ وكلا التفسيرين لا يخففان من حجم التهمة، فالضرر كبير والمسؤولية واضحة. وفي كلا التفسيرين أكثر من حقيقة صغيرة .وأضاف أنه بما يتعلق بخوفها، فإن التحقيق في سديه تيمان (ضد الجنود) أخرج إلى الشارع عناصرا في اليمين المتطرف. والضجة التي أحدثوها كانت أكبر من (قضية قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف) إليؤور أزاريا. وبعد تسعة أشهر من مجزرة 7 أكتوبر، وفيما غريزة الانتقام تتفاقم وتتغذى من قنوات التلفزيون، رصدوا (الجنود) فرصة وسارعوا إلى استغلالها بممارسة التعذيب.وتابع أن كسر القواعد في الجيش (بارتكاب جرائم واسعة في الحرب) في تلك الفترة كان واسعا. قيادة الجيش اكتفت بإلقاء المواعظ الأخلاقية أو بالصمت. والجمهور الواسع، والجمهور الليبرالي أيضا، فضل غض الطرف. رفضوا أن يعلموا بما يحدث. والمدعية العامة العسكرية رأت أن عملها الأساسي هو إصدار مصادقة قانونية تشرعن عمليات الجيش الإسرائيلي بنظر حكومات أجنبية ومؤسسات قضائية دولية. والتحقيقات بأفعال (جرائم) أخطر من تلك التي جرت في سديه تيمان لم تنته ولن تنتهي .وأشار برنياع إلى أن المعارضة العنيفة التي رافقت محققي الشرطة العسكرية في سديه تيمان وتأييد المشاغبين من جانب المؤسسة السياسية وضع تومر ييروشالمي أمام اختبار غير بسيط. وقررت إخراج شريط فيديو التعذيب إلى وسائل الإعلام. وكتبت في رسالة استقالتها أنه ’اضطررت إلى العمل من أجل الدفاع عن الوحدة (وحدة المدعي العسكري) والذين يخدمون فيها’ .وأضاف أن تسريب شريط الفيديو ليس الأمر الأساسي هنا. ونتنياهو يستخف بسامعيه عندما قال إن التسريب كان ’الهجوم الإعلامي الأصعب الذي شهدته دولة إسرائيل منذ قيامها’. ويجب القول لنتنياهو إن الهجوم الإعلامي الأشد الذي شهدته إسرائيل لم يولد في سديه تيمان. لقد وُلد في التصريحات المنفلتة لوزرائه وتصريحاته .وكتب برنياع أنه كان حاضرا في مظاهرة عائلات الجنود المتهمين بتعذيب المعتقل الفلسطيني، وأفاد بأن عناصر اليمين المتطرف من أنصار الحاخام الفاشي، مئير كهانا، في المظاهر وأحاطوا بعائلات الجنود آمنوا بأن الجنود نفذوا التعذيب، ورأوا بالتهم المنسوبة إليهم على أنها تفسيرات جيدة لحصولهم على وسام .وبحسبه، فإن إعادة تنظيم وحدة النيابة العسكرية هي مهمة ثانوية وبالإمكان تصحيحه ، وأشار إلى أن الشاباك كذب طوال سنين في المحاكم ، وشدد على أن إصلاحا في وحدة عسكرية واحدة لن يغيّب ثقافة الكذب. فثقافة الكذب هي الآن الهواء الذي نستنشق، والوزراء الذين ننتخبهم، والقواعد التي نذهب معها إلى المحكمة. ومجتمع لا يثق بمؤسساته سيتفكك في النهاية . صراع على هوية الجيش من جانبه، أشار الباحث في العلاقة بين الجيش والمجتمع في إسرائيل، بروفيسور يغيل ليفي، في صحيفة هآرتس ، إلى أن النيابة العسكرية ألحقت ضررا بثقة الإسرائيليين بجهاز القضاء العسكري، لكن مسألة الثقة معقدة. والحدث في ’سديه تيمان’ ليس حدثا جنائيا أو عملياتيا، وإنما هو حدث اجتماعي أيضا. وهو جزء من الصراع الدائر منذ حوالي 20 عاما حول هوية الجيش .ووفقا لليفي، فإن مجموعتين تضعان تحديا أمام هوية الجيش التي بلورتها تاريخيا مجموعة القوة من الطبقة الوسطى العلمانية: مجموعة الحريديين القوميين وجنود الياقات الزرقاء (أي من الطبقة الاجتماعية الأضعف اقتصاديا)، الذين يبرز فيهما اليهود الشرقيين المتدينين. والعنصر المركزي في الهوية التي يتم تحديها هو خضوع الجيش للقانون الدولي وتصرفه بموجب القانون. وقول رئيس أركان الجيش (الأسبق) في قضية إليؤور أزاريا، إنه إذا أراد أحد روح عصابات في الجيش، فليقُل هو حدث مؤسس في هذا الصراع وأحد التعبيرات عن التمسك بالهوية التاريخية للجيش .وأضاف أن النيابة العامة العسكرية تعتبر كمركز قوة مؤسساتي، يدافع عن الهوية التاريخية للجيش. وكممثل للقانون الدولي، أو على الأقل لتحليله المحلي اللين، كانت النيابة العسكرية عنوانا للاتهام من جانب الذين ينتقدون مساهمتها في إضعاف قدرة الجيش على القتال. وما زلنا نذكر قول وزير التربية والتعليم في حينه، نفتالي بينيت، إن ’جنودنا يخافون من المدعي العسكري أكثر مما يخافون من يحيى السنوار’. وتردد هذا الانتقاد في حرب غزة أيضا رغم المصادقات السخية التي منحتها النيابة العسكرية لمجموعة جرائم حرب .وتابع أن حادثة ’سديه تيمان’ عبرت عن تصعيد في هبّة جنود الياقات الزرقاء، وهذه المرة من خلال القوة 100، التي اتهم جنودها بتعذيب المعتقل الغزيّ. ومن وجهة نظرهم ونظر مؤيديهم، النيابة العسكرية حاولت كسر قواعد اللعبة التي تشكلت في الحرب، وبموجبها روح العصابة تحول إلى روح شبه رسمية للجيش، الذي لا يخشى جنوده بعد الآن من النيابة العسكرية ويحاربون الغزيين بكل قوتهم. والالتزام بالقانون الدولي يعتبر أنه جزء من ’المفهوم’ (بأن حماس مرتدعة) الذي انهار في 7 أكتوبر. ومن هذا الانهيار وُلد جش جديد، يقاتل بلا خوف. والنيابة العسكرية تهدد هذا الخلق المتجدد .ويرافق ذلك، وفقا لليفي، إحباط جنود الياقات الزرقاء، الذين يعبرون عن هامشيتهم الاجتماعية وتلك العسكرية، كونهم في أسفل السلم القتالي، خاصة بالقياس مع جيش الهايتك، الذي اعتبر كمنتصر أنيق في الحرب .وأضاف أن التمهيد الاجتماعي الذي أنشأه الجيش تفجّر في الحيز العام، عندما دعا الجنود إلى مساعدة من جانب السياسيين من اليمين، الذين تحولوا منذ قضية أزاريا إلى صوت جنود الياقات الزرقاء. وكفاح القوة 100 ومؤيدوها، مثل مؤيدي آزاريا في الماضي، هو تعبير عن صوت الجنود ’البسطاء’، الذين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم يمثلون الشعب، لكنهم يتكتلون ضد مجموعة القوة التي تقمعهم. وحسب مفهوم بعضهم، إذا اقتبسنا أقوال زوجة أحد المتهمين، بأن ’الرب اختار هؤلاء الجنود خصوصا كي يتجاوز شيئا ما أكبر منا’ .ولفت ليفي إلى أن الجيش أعمى حيال صراع الهويات في صفوفه، وأقصى ما يراه بهم هو مخالفات الطاعة، ويتعين عليه الآن أن يدخل في مواجهة معهم بالعودة إلى جذور هذا الوضع. والنيابة العسكرية، خاصة عندما تطالب في المستقبل بمحاكمة جنود على جرائم ارتكبوها في الحرب، مطالبة بالاطلاع على وجود صراع الهوية .وخلص إلى أن هذا الاطلاع يجب ترجمته إلى تبني معيار متشدد، لعناية مهنية وغير منحازة بالجرائم التي يجري التحقيق فيها. وهذا كله من خلال مجهود، يكاد يكون خاسرا منذ بدايته، لكسب ثقة اجتماعية واسعة بعمل النيابة العسكرية. وحادثة التسريب الحالية والتغطية عليها ألحقا ضررا بهذه الثقة وصبّت الزيت على موقدة حرب الهوية .


آخر الأخبار
هشتک:   

المدعية

 | 

العسكرية

 | 

الإسرائيلية

 | 

تفجرت

 | 

ثقافة

 | 

الكذب

 | 

التحقيق

 | 

بجرائم

 | 

الحرب

 | 

مصادر